وقد بين الله تعالى حال الذين لا يؤمنون بما جاءت به الرسل من الهدى والبينات فقال:{ والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( 36 )} .
هنا ذكر للذين يعصون الرسل ، ويكفرون بما جاءوا في مقابل الذين اهتدوا بهديهم ، هو هدى الله تعالى ، وقد ذكر الله تعالى وصفين لهما هما اللذان أديا بهما إلى عذاب الله تعالى وهما:
الوصف الأول – أنهم كذبوا بآيات الله تعالى كذبوا آيات التكليف فلم يؤمنوا بصدقها عن الله تعالى مع قيام الأدلة على صدقها ، والبراهين الدالة على ان الرسل يتكلمون عن الله ، فهم إذ يكذبون الرسل يكفرون بمن أرسلهم ، ويكذبون بما تدل عليه الآيات الكونية من خلق السماوات والأرض ، وما يكون منها من زروع وثمار ، وحياة كاملة ، وما في السماء من نجوم وبروج إلى آخر ما في الكون من دلالات على أن خالقها واحد أحد هو الفرد الصمد .
الوصف الثاني – أنهم استكبروا عن آيات الله فحسبوا أن اتباع الرسل ينافي عزتهم ، وينقص من كريائهم ، فأخذتهم العزة الواهمة بالإثم الحقيقي ، وهنا نجد أن الله تعالى يقول:{ واستكبروا عنها} فعبر هنا التجاوز وذلك للإشارة إلى المجاوزة للحقيقة ، أي أن استكبارهم تجاوز بهم عن فهم الآيات وإدراكها لتضمين استكبروا معنى التجاوز ، كان التعدي ب ( عن ) ، والسياق هذا مؤداه:استكبروا متجاوزين عنها تاركين لها ولقد ذكر سبحانه جزاءهم فقال:{ أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} .
الإشارة هنا إلى الذين كذبوا آيات الله ، واستكبروا معرضين عنها متجاوزين ، والإشارة إلى الموصوف بصفات فيها إيماء إلى أن هذه الصفات هي السبب في الجزاء ، فهذا الاستكبار ، وذلك التكذيب هو السبب في هذا العقاب وهو دخول النار ، وتخليدهم فيها ، وانهم لا خروج لهم منها ، وقد أكد – سبحانه وتعالى – خلودهم في النار بمؤكدات ثلاثة أولها – القصر ، فقد قصرها عليهم بتعريف الطرفين ، وتعريف الطرفين من أنواع القصر ، فالمعنى أولئك وحدهم هم أصحاب النار ، ثانيها – أنهم أصحاب النار أي الملازمين لها ملازمة الصاحب لصاحبه . ثالثها – التأكيد بضمير الفصل ، إذ يقول سبحانه:{ هم فيها خالدون} وتقديم ( فيها ) في معنى قصرهم على النار ، أي أنهم فيها لا في غيرها خالدون .