وفي الآية اللاحقة يضيف سبحانه وتعالى قائلا: ( والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أُولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون ) .
فتلك عاقبة المؤمنين ،وهذه عاقبة المكذبين لهم .
رد على سفَسطة أُخرى:
أقدم جماعة من مختلقي الأديان والمذاهب في العصور الأخيرةعلى غرار ما قلنا في تفسير الآيات السابقةعلى التمسك بطائفة من الآيات القرآنية بغية تعبيد الطريق لأهدافهم والتمهيد لتحقيقها ،وادعوا كونها دليلا على نفي خاتمية رسول الإسلام ،على حين لا ترتبط هذه الآيات بتلك المسألة قط .
ومن تلكم الآيات الآية الحاضرة ،فهم من دون أن يلاحظوا ما يسبقها وما يلحقها من الآيات قالوا: إن «يأتينّكم » فعل مضارع ،ويدلّ على أنّه من الممكن أن يبعث الله رسلا آخرين في المستقبل .
ولكن لو رجعنا إلى الوراء قليلا ،واستعرضنا الآيات التي تتحدث عن خلقة آدم وسكونه في الجنّة ،ثمّ إخراجه منها هو وزوجته .ولاحظنا أنّ المخاطبين في هذه الآيات ليسوا المسلمين ،بل مجموع البشر وجميع أبناء آدم ،لاتضح جواب هذه الشّبهة وردّ هذا الإستدلال ،لأنّه لا شك أنّه قد بعث لمجموع أبناء آدم رسل كثيرون ،جاء ذكر أسماء طائفة معتد بها في القرآن الكريم ،وجاء ذكر آخرين في كتب التواريخ .
غاية ما في الأمر أنّ هذا الفريق من مختلقي المذاهب والأديان ،تجاهلوا الآيات السابقة بغية إضلال الناس وخداعهم ،وقالوا: إنّ المخاطبين في هذه الآية هم خصوص المسلمين ،واستنتجوا من ذلك إمكان وجود رسل آخرين .
إنّ لأمثال هذه السفسطات نظائر كثيرة في السابق ،وبخاصّة في حالة الفصل بين آية وأُخرى وجملة وأُخرى ،والتغافل عن سوابق الآية ولواحقها ،فينتزعون منها مفهوماً يوافق رغباتهم وإن كان يقابل المفهوم الواقعي للآية في الحقيقة .