وأردف نبي الله صالح – عليه السلام – يبين لهم العبرة من أسلافهم عاد ، ونبيهم هود – عليه السلام – قال لهم:{ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا} أي اذكروا أنه جعلكم خلفاء لهؤلاء الذين كانوا أقوياء وطغوا ، ورأيتم ما آل إليه أمرهم ، من العذاب الذي نزل بهم جزاء عصيانهم ، وسكنتم في مساكنهم الذي ظلموا فيها أنفسهم ، وقد بوأكم في الأرض وثبتكم ، وجعلكم مستمتعين مترفين ، فجعلتم من سهل الأرض قصورا بنيتموها ، ونحتم الجبال فجعلتم منها بيوتا ، وذلك أعلى درجات الترفه في المسكن قصور في السهول ، وبيوت في أكناف الجبل ، فكانت لكم الوقاية من البرد والحرور .
وإذا كنتم تمكنتم من ذلك ، فاذكروا آلاء الله تعالى ونعمه ، وقوموا بحق شكرها ،{ ولا تعثوا في الأرض مفسدين} لا تطغوا وتظلموا ، فيؤدي ذلك إلى فساد ، ولذا قال:{ و لا تعثوا في الأرض مفسدين} ، العثى والعثو ، لغتان في مصدر عثى ، وهو الفساد ، والمعنى لا تفسدوا في الأرض ويستمر فسادكم حتى تكونوا مفسدين ، وقوله مفسدين حال دالة على استمرار الفساد ، هذا قول صالح – عليه السلام – وهو كلام يتضمن الدعوة الرفيقة الحكيمة إلى عبادة الله تعالى وحده ، والتذكير بنعمه تعالى عليهم ، وتحذيرهم من الإفساد ، والاستمرار عليه بالإشراك والظلم وترك أمورهم فوضى ، لا ضابط من دين ولا خلق .