من قصة صالح – عليه السلام –
نذكر من قصص الأنبياء في هذا الموضع ، ما قصه الله تعالى في هذه السورة الكريمة ، وترك بقية قصص الله تعالى فيها إلى موضعها ، وبمجموع ما يذكره سبحانه يكون خبر النبي من الأنبياء ، ولكنه مفرق السور ، كل جزء منه في موضع عبرته ، وإرادة مغزاه .
وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 73 ) وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ( 74 ) قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ ( 75 ) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ( 76 ) فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 77 ) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ( 78 ) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ( 79 )
كان بعث صالح بعد هود ، وكانت ثمود خلائف لعاد ، قال الله تعالى:
{ وإلى ثمود أخاهم صالحا} ، أي أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا ، كما كان لعاد أخوهم هود ، وذكر الأخوة في هذا المقام فيه إشارة إلى انه واحد منهم قد ربط بينهم برباط الأخوة ، وكذلك كان يبعث الله تعالى لكل أمة رسولا منهم ، كما بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم من أنفسهم .
قال صالح لقومه:{ يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} . هذه دعوة التوحيد ، وهي دعوة النبيين أجمعين ودعوة الفطرة ، ودعوة المنطق العقلي .
ولقد أردف دعوته إلى الله ، بيان أنه مرسل إليهم من الله تعالى ، ومعه البينة الدالة على إيمانه ؛ ولذا قال لهم:{ قد جاءتكم بينة من ربكم} ، أي معجزة مبينة من ربكم دالة على رسالته ، هذه البينة هي:ناقة آية لكم ، أي دليل على الرسالة ، ويظهر أنها كانت لها أوصاف خاصة تميزها عن غيرها ، قال بعض الناس:إن الله تعالى خلقها من حجر صلد ، ولكن لم يثبت ذلك بسند صحيح عمن بين القرآن للناس ، ولم يرد بسند صحيح شيء عن اوصاف هذه الناقة ، ولكنها على أي حال كانت مميزة عندهم معروفة بشخصها لديهم ، ولذا قال لهم:{ فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم} ، أي:فتركوها تأكل .