استئناف بياني لأن ما سبقه من الزجر والردع المكرر ومن الوعيد المؤكّد على إجماله يثير في نفس السامع سؤالاً عما يُترقب من هذا الزجر والوعيد فكان قوله:{ لترون الجحيم} جواباً عما يجيش في نفس السامع .
وليس قولُه:{ لترون الجحيم} جواب ( لَوْ ) على معنى: لو تعلمون علم اليقين لكنتم كمَن ترون الجحيم ،أي لتروُنَّها بقلوبكم ،لأن نظم الكلام صيغة قَسم بدليل قَرْنه بنون التوكيد ،فليست هذه اللام لامَ جواب ( لو ) لأن جواب ( لو ) ممْتَنِعُ الوقوع فلا تقترن به نون التوكيد .
والإِخبار عن رؤيتهم الجحيم كناية عن الوقوع فيها ،فإن الوقوع في الشيء يستلزم رؤيتَه فيكنى بالرؤية عن الحضور كقول جَعْفر بن عُلْبة الحارثي:
لا يَكشف الغَمَّاء إلا ابنُ حرة *** يَرى غمراتِ الموْتِ ثُمَّ يَزُورُها
وأُكد ذلك بقوله:{ ثم لترونها عين اليقين} قصداً لتحقيق الوعيد بمعناه الكنائي .وقد عطف هذا التأكيد ب{ ثم} التي هي للتراخي الرتبي على نحو ما قررنَاهُ آنفاً في قوله:{ ثم كلا سوف تعلمون}[ التكاثر: 4] ،وليس هنالك رؤيتان تقع إحداهما بعد الأخرى بمُهلة .