وقد تقدم آنفاً الكلام على معنى الفاء من قوله:{ فليعبدوا رب هذا البيت} على الوجوه كلها .
والعبادة التي أُمروا بها عبادة الله وحده دون إشراك الشركاء معه في العبادة لأن إشراك من لا يستحق العبادة مع الله الذي هو الحقيق بها ليس بعبادة أو لأنهم شُغلوا بعبادة الأصنام عن عبادة الله فلا يذكرون الله إلا في أيام الحج في التلبية على أنهم قد زاد بعضهم فيها بعد قولهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تَملِكُه ومَا مَلَك .
وتعريف{ رب} بالإضافة إلى{ هذا البيت} دون أن يقال: فليعبدوا الله لما يومىء إليه لفظ{ رب} من استحقاقه الإِفراد بالعبادة دون شريك .
وأوثر إضافة{ رب} إلى{ هذا البيت} دون أن يقال: ربهم للإِيماء إلى أن البيت هو أصل نعمة الإِيلاف بأن أمر إبراهيم ببناء البيت الحرام فكان سبباً لرفعة شأنهم بين العرب قال تعالى:{ جعل اللَّه الكعبة البيت الحرام قياماً للناس}[ المائدة: 97] وذلك إدماج للتنويه بشأن البيت الحرام وفضله .
والبيت معهود عند المخاطبين .
والإِشارة إليه لأنه بذلك العهد كان كالحاضر في مقام الكلام على أن البيت بهذا التعريف باللام صار علماً بالغلبة على الكعبة ،و« رب البيت » هو الله والعرب يعترفون بذلك .