السبب: الوسيلة .والمراد هنا معنى مجازي وهو الطريق ،لأن الطريق وسيلة إلى المكان المقصود ،وقرينة المجاز ذكر الاتباع والبلوغ في قوله:{ فأتبع سبباً حتى إذا بلغ مغرب الشمس} والدليل على إرادة غير معنى السبب في قوله تعالى:{ وءاتيناه مِن كُلّ شَيْءٍ سَبَباً} إظهار اسم السبب دون إضماره ،لأنه لما أريد به معنى غير ما أُريد بالأول حسن إظهار اسمه تنبيهاً على اختلاف المعنيين ،أي فاتبع طريقاً للسير وكان سيره للغزو ،كما دلّ عليه قوله:{ حَتَّى إذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ} .
ولم يعدّ أهل اللغة معنى الطريق في معاني لفظ السبب لعلهم رأوه لم يكثر وينتشر في الكلام .ويظهر أن قوله تعالى:{ أسباب السموات}[ فاطر: 37] من هذا المعنى .وكذلك قول زهير:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه
أي هاب طرق المنايَا أن يسلكها تنله المنايا ،أي تأتيه ،فذلك مجاز بالقرينة .
والمراد ب{ مَغْرِبَ الشَّمْسِ} مكان مغرب الشمس من حيث يلوح الغروب من جهات المعمور من طريق غزوته أو مملكته .وذلك حيث يلوح أنه لا أرض وراءه بحيث يبدو الأفق من جهة مستبحرة ،إذ ليس للشمس مغرب حقيقي إلا فيما يلوح للتخيل .والأشبه أن يكون ذو القرنين قد بلغ بحر الخزر وهو بحيرة قزوين فإنها غرب بلاد الصين .