جملة{ قال كذلك أتتك} الخ واقعة في طريق المحاورة فلذلك فصلت ولم تعطف .
وفي هذه الآية دليل على أنّ الله أبلغ الإنسان من يوم نشأته التحذير من الضلال والشرك ،فكان ذلك مستقراً في الفطرة حتى قال كثير من علماء الإسلام: بأن الإشراك بالله من الأمم التي يكون في الفتر بين الشرائع مستحق صاحبه العقاب ،وقال جماعة من أهل السنّة والمعتزلة قاطبة: إنّ معرفة الله واجبة بالعقل ،ولا شك أنّ المقصود من ذكرها في القرآن تنبيه المخاطبين بالقرآن إلى الحذر من الإعراض عن ذكر الله ،وإنذار لهم بعاقبة مثل حالهم .
والإشارة في{ كذلك أتتك آياتنا} راجعة إلى العمى المضمن في قوله{ لم حشرتني أعمى} ،أي مثل ذلك الحال التي تساءلت عن سببها كنت نسيت آياتنا حين أتتك ،وكنت تُعرض عن النظر في الآيات حين تُدعى إليه فكذلك الحال كان عقابك عليه جزاءً وفاقاً .
وقد ظهر من نظم الآية أن فيها ثلاثة احتباكات ،وأن تقدير الأول: ونحشره يوم القيامة أعمى ونَنْساه ،أي نُقصيه من رحمتنا .وتقدير الثاني والثالث: قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وعميتَ عنها فكذلك اليوم تنسى وتُحْشَر أعمى .
والنسيان في الموضعين مستعمل كناية أو استعارة في الحرمان من حظوظ الرحمة .