وزيد ذلك التحذير تقريراً بأن فرع عليه{ فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} لأن داعية غلبة شهوة الفرج على حفظ صاحبه إياه غريزة طبيعيَّة يُخشى أن تتغلَّب على حافظها ،فالإشارة بذلك إلى المذكور في قوله:{ إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} أي وراء الأزواج والمملوكات ،أي غير ذينك الصّنفين .
وذُكرَ حفظ الفرج هنا عطفاً على الإعراض عن اللغو لأن من الإعراض عن اللغو تركَ اللغو بالأحرى كما تقدم آنفاً ؛لأن زلة الصالح قد تأتيه من انفلات أحد هذين العضوين من جهة ما أُودع في الجبلة من شهوة استعمالهما فلذلك ضبطت الشريعة استعمالهما بأن يكون في الأمور الصالحة التي أرشدت إليها الديانة .وفي الحديث: «من يضمن لي ما بين لَحْيَيْهِ وما بين رِجْلَيْهِ أضمن له الجنَّة» .
واللوم: الإنكار على الغير ما صدر منه من فعل أو قول لا يليق عند الملائم ،وهو مرادف العذل وأضعف من التعنيف .
و{ وراء} منصوب على المفعول به .وأصل الوراء اسم المكان الذي في جهة الظهر ،ويطلق على الشيء الخارج عن الحد المحدود تشبيهاً للمتجاوز الشيءَ بشيء موضوع خلف ظهر ذلك الشيء لأن ما كان من أعلاق الشخص يجعل بَيْنَ يَديْه وبمرأى منه وما كان غير ذلك ينبذ وراء الظهر ،وهذا التخيل شاع عنه هذا الإطلاق بحيث يقال: هو وراء الحد ،ولو كان مستقبله .ثم توسع فيه فصار بمعنى ( غير ) أو ( مَا عدا ) كما هنا ،أي فمن ابتغوا بفروجهم شيئاً غير الأزواج وما ملكت أيمانهم .
وأتي لهم باسم الإشارة في قوله:{ فأولئك هم العادون} لزيادة تمييزهم بهذه الخصلة الذميمة ليكون وصفهم بالعدوان مشهوراً مقرراً كقوله تعالى:{ وأولئك هم المتقون} في سورة البقرة ( 177 ) ،والعادي هو المعتدي ،أي الظالم لأنه عدا على الأمر .
وتوسيط ضمير الفصل لتقوية الحكم ،أي هم البالغون غاية العدوان على الحدود الشرعية .
والقول في إعادة الموصول وتقديم المعمول كما مرّ .