وإن من سار في غير ذلك وراء شهوته فهو المعتدي .
{ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ( 7 )} .
"الفاء"تفيد ترتيب ما بعدها على ما قبلها ، أي إذا كان الحلال في هذه الدائرة فغيره عدوان على الأسر ، وعلى المجتمع وعلى النفس ، فيترتب على التحريم السابق منع ابتغاء المحرمات ، والابتغاء هو الطلب الشديد الذي يؤدي إلى العدوان ، لأن الابتغاء افتعال من البغي ، والبغي في ذاته في معنى التعدي ، وأولئك الذين تنحرف طبائعهم ، فلا يقفون عند الانحلال يطلبون الشهوات بشدة تؤدي بهم إلى الانحراف عن الجادة ، وقوله:{ وراء ذلك} أي سواه ، وعبر عنه ب "وراء"إشارة إلى أنه انحطاط في الرتبة ، وإلى أنه وراء الإنسانية المستقيمة ، وانحراف في القصد:{ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} الإشارة إلى هؤلاء الذين يبتغون غير الحلال ، والإشارة إلى الموصوف بصفة فيها بيان أن هذه هي علة الحكم ، والحكم أنهم عادون ، أي ظالمون ومتجاوزون ، فقد تجاوزوا حد الحلال وهو واسع:يجوز زواج أربع ، والتسري بمن يشاء من الإماء ، وهو ظالم لنفسه بارتكاب الحرم ، وظالم لنسله ، وظالم للمجتمع ، والظلم مرتعه وخيم ، ولا شك أن نكاح المتعة مما وراء ذلك ؛ لأنها ليست زواجا ، ولا ملك يمين ، وبها احتجت عائشة على ابن عباس ، وأخطأ الزمخشري ومن تبعه إذ عدها زواجا ، وما هي بزواج ، وما سماها أحد من السلف زواجا .