قوله:{ وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه} أي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .
ومعنى:{ وإن يكن لهم الحق} أنه يكون في ظن صاحب الحق ويقينه أنه على الحق .ومفهومه أن من لم يكن له الحق منهم وهو العالم بأنه مبطل لا يأتي إذا دعي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ،فعُلم منه أن الفريق المعرضين هم المبطلون .وكذلك شأن كل من هو على الحق أنه لا يأبى من القضاء العادل ،وشأن المبطل أن يأبى العدل لأن العدل لا يلائم حبه الاعتداء على حقوق الناس ،فسبب إعراض المعرضين علمهم بأن في جانبهم الباطل وهم قد تحققوا أن الرسول لا يحكم إلا بصراح الحق .
وهذا وجه موقع جملة:{ أفى قلوبهم مرض} إلى آخرها .
ووقع حرف{ إذا} المفاجأة في جواب{ إذا} الشرطية لإفادة مبادرتهم بالإعراض دون تريث لأنهم قد أيقنوا من قبل بعدالة الرسول وأيقنوا بأن الباطل في جانبهم فلم يترددوا في الإعراض .
والإذعان: الانقياد والطاعة .
ولما كان هذا شأناً عجيباً استؤنف عقبه بالجملة ذات الاستفهامات المستعملة في التنبيه على أخلاقهم ولفت الأذهان إلى ما انطووا عليه والداعي إلى ذلك أنها أحوال خفية لأنهم كانوا يظهرون خلافها .