قوله:{ ولهم عليَّ ذنب فأخاف أن يقتلون} تعريض بسؤال النصر والتأييد وأن يكفيه شرّ عدوّه حتى يؤدي ما عهد الله إليه على أكمل وجه .وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر: «اللهم إني أسألك نصرك ووعدَك اللهم إن شئت لم تعبد في الأرض»
والذنب: الجُرم ومخالفة الواجب في قوانينهم .وأطلق الذنب على المؤاخذة فإن الذي لهم عليه هو حقّ المطالبة بدم القتيل الذي وكزه موسى فقضَى عليه ،وتوعده القبط إن ظفروا به ليقتلوه فخرج من مصر خائفاً ،وكان ذلك سببَ توجهه إلى بلاد مَدْيَن .وسمّاه ذَنْباً بحسب ما في شرع القبط ،فإنه لم يكن يومئذ شرع إلهي في أحكام قتل النفس .ويصح أن يكون سمّاه ذنباً لأن قتل أحد في غير قصاص ولا دفاع عن نفس المُدافع يعتبر جرماً في قوانين جماعات البشر من عهد قتل أحد ابني آدم أخاه ،وقد قال في سورة القصص ( 15 ،16 ){ قال هذا من عمل الشيطان إنه عَدوّ مُضِلّ مبين قال ربّ إنّي ظلمتُ نفسي فاغفر لي} وأيًّا مَّا كان فهو جعله ذنباً لهم عليه .
وقوله:{ فأخاف أن يقتلون} ليس هَلَعاً وفرقاً من الموت فإنه لما أصبح في مقام الرسالة ما كان بالذي يبالي أن يموت في سبيل الله ؛ولكنه خشي العائق من إتمام ما عُهد إليه مما فيه له ثواب جزيل ودرجة عليا .
وحذفت ياء المتكلم من{ يقتلون} للرعاية على الفاصلة كما تقدم في قوله تعالى:{ وإيايَ فارهبون} في سورة البقرة ( 40 ) .
وذكر هارون تقدم عند قوله تعالى:{ وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون} في سورة البقرة ( 248 ) .