جملة{ إن هؤلاء لشرذمة قليلون} مقول لقول محذوف لأن{ حاشرين} يتضمن معنى النداء ،أي يقولون إن هؤلاء لَشِرْذِمة قليلون .
والإشارة ب{ هؤلاء} إلى حاضر في أذهان الناس لأن أمر بني إسرائيل قد شاع في أقطار مصر في تلك المدة التي بين جمع السحرة وبين خروج بني إسرائيل ،وليست الإشارة للسحرة خاصة إذ لا يلتئم ذلك مع القصة .
وفي اسم الإشارة إيماء إلى تحقير لشأنهم أكده التصريح بأنهم شرذمة قليلون .
والشرذمة: الطائفة القليلة من الناس ،هكذا فسره المحققون من أئمة اللغة ،فإتْباعه بوصف{ قليلون} للتأكيد لدفع احتمال استعمالها في تحقير الشأن أو بالنسبة إلى جنود فرعون ،فقد كان عدد بني إسرائيل الذين خرجوا ستمائة ألف ،هكذا قال المفسرون ،وهو موافق لما في سفر العدد من التوراة في الإصحاح السادس والعشرين .
و{ قليلون} خبر ثان عن اسم الإشارة ،فهو وصف في المعنى لمدلول{ هؤلاء} وليس وصفاً لشرذمة ولكنه مؤكد لمعناها ،ولهذا جيء به بصيغة جمع السلامة الذي هو ليس من جموع الكثرة .
و ( قليل ) إذا وصف به يجوز مطابقته لموصوفه كما هنا ،ويجوز ملازمته الإفرادَ والتذكير كما قال السموأل أو الحارثي:
وما ضرّنا أنا قَليل *** البيت ...
ونظيره في ذلك لفظ ( كثير ) وقد جمعهما قوله تعالى:{ إذ يُريكهم الله في منامك قليلاً ولو أراكهم كثيراً لَفَشِلْتم}[ الأنفال: 43] .