وو{ الأنباء}: جمع نبأ ،وهو الخبر عن أمر مهم ،والمراد به هنا الجواب عن سؤال{ ماذا أجبتم المرسلين} لأن ذلك الجواب إخبار عما وقع منهم مع رسلهم في الدنيا .
المعنى: عميت الأنباء على جميع المسؤولين فسكتوا كلهم ولم ينتدب زعماؤهم للجواب كفعلهم في تلقي السؤال السابق:{ أين شركائي الذين كنتم تزعمون}[ القصص: 62] .
ومعنى{ عميت} خفيت عليهم وهو مأخوذ من عمى البصر لأنه يجعل صاحبه لا يتبين الأشياء ،فتصرفت من العمى معان كثيرة متشابهة يبينها تعدية الفعل كما عدي هنا بحرف ( على ) المناسب للخفاء .ويقال: عمي عليه الطريق .إذا لم يعرف ما يوصل منه ،قال عبد الله بن رواحة:
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا *** به موقنات أن ما قال واقع
والمعنى: خفيت عليهم الأنباء ولم يهتدوا إلى جواب وذلك من الحيرة والوهل فإنهم لما نودوا{ أين شركائي الذين كنتم تزعمون}[ القصص: 62] انبرى رؤساؤهم فلفقوا جواباً عدلوا به عن جادة الاستفهام إلى إنكار أن يكونوا هم الذين سنوا لقومهم عبادة الأصنام ،فلما سئلوا عن جواب دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم عيوا عن الجواب فلم يجدوا مغالطة لأنهم لم يكونوا مسبوقين من سلفهم بتكذيب الرسول فإن الرسول بعث إليهم أنفسهم .
ولهذا تفرع على ( عميت عليهم الأنباء ) قوله{ فهم لا يتساءلون} أي لا يسأل بعضهم بعضاً لاستخراج الآراء وذلك من شدة البهت والبغت على الجميع أنهم لا متنصل لهم من هذا السؤال فوجموا .
وإذ كان الاستفهام لتمهيد أنهم محقوقون بالعذاب علم من عجزهم عن الجواب عنه أنهم قد حق عليهم العذاب .