{ لما} أداة تدل على التوقيت ،والأصل أنها ظرفٌ ملازم الإضافة إلى جملة .ومدلولها وجود لوجود ،أي وجود مضمون الجملة التي تضاف إليها عند وجود الجملة التي تتعلق بها فهي تستلزم جملتين: أولاهما فعلية ماضوية وتضاف إليها{ لما} ،والثانية فعلية أو اسمية مشتملة على ما يصلح لأن يتعلق به الظرف من فعل أو اسم مشتق ،ويطلق على الجملة الثانية الواقعة بعد{ لما} اسم الجزاء تسامحاً .
ولما كانت{ لما} ظرفاً مبهماً تعين أن يكون مضمون الجملة التي تضاف إليها{ لما} معلوماً للسامع ،إذ التوقيت الإعلام بمقارنة زمن مجهول بزمن معلوم .فوجود{ لما} هنا يقتضي أن مجيء الملائكة بالبشرى أمر معلوم للسامع مع أنه لم يتقدم ذكر للبشرى ،فتعين أن يكون التعريف في البشرى تعريف العهد لاقتضاء{ لما} أن تكون معلومة ،فالبشرى هي ما دل عليه قوله تعالى آنفاً{ ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوءة والكتاب}[ العنكبوت: 27] كما تقدم بيانه .
والبشرى: اسم للبشارة وهي الإخبار بما فيه مسرة للمخبر بفتح الباء وتقدم ذكر البشارة عند قوله تعالى{ إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً} في سورة البقرة ( 119 ) .
ومن لطف الله بإبراهيم أن قدّم له البشرى قبل إعلامه بإهلاك قوم لوط لعلمه تعالى بحلم إبراهيم .والمعنى: قالوا لإبراهيم إنا مهلكوا أهل هذه القرية الخ .
والقرية هي ( سدوم ) قرية قوم لوط .وقد تقدم ذكرها في سورة الأعراف .
وجملة{ إن أهلها كانوا ظالمين} تعليل للإهلاك وقصد به استئناس إبراهيم لقبول هذا الخبر المحزن ،وأيضاً لأن العدل يقتضي أن لا يكون العقاب إلا على ذنب يقتضيه .
والظلم: ظلمهم أنفسهم بالكفر والفواحش ،وظلمهم الناس بالغصب على الفواحش والتدرب بها .