{ أمْ} منقطعة ،فهي مثل ( بَل ) للإضراب هو إضراب انتقالي .وإذ كان حرف{ أم} حرفَ عطف فيجوز أن يكون ما بعدها إضراباً عن الكلام السابق فهو عطف قصة على قصة بمنزلة ابتداءٍ ،والكلام توبيخ ولوم متصل بالتوبيخ الذي أفاده قوله{ فتمتعوا فسوف تعلمون}[ الروم: 34] .وفيه التفات من الخطاب إلى الغيبة إعراضاً عن مخاطبتكم إلى مخاطبة المسلمين تعجيباً من حال أهل الشرك .ويجوز أن يكون ما بعدها متصلاً بقوله{ بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم}[ الروم: 29] فهو عطف ذَم على ذم وما بينهما اعتراض .
وحيثما وقعت{ أمْ} فالاستفهام مقدَّر بعدها لأنها ملازمة لمعنى الاستفهام .فالتقدير: بل أأنزلنا عليهم سلطاناً وهو استفهام إنكاري ،أي ما أنزلنا عليهم سلطاناً ،ومعنى الاستفهام الإنكاري أنه تقرير على الإنكار كأن السائل يسأل المسؤول ليقر بنفي المسؤول عنه .
والسلطان: الحجة .ولما جعل السلطان مفعولاً للإنزال من عند الله تعين أن المراد به كتاب كما قالوا{ حتى تنزل علينا كتاباً نَقرؤه}[ الإسراء: 93] .ويتعين أن المراد بالتكلم الدلالة بالكتابة كقوله تعالى{ هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق}[ الجاثية: 29] ،أي تدل كتابته ،أي كتب فيه بقلم القدرة أن الشرك حق كقوله تعالى{ أم ءاتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون}[ الزخرف: 21] .وقدم{ به} على{ يشركون} للاهتمام بالتنبيه على سبب إشراكهم الداخل في حيز الإنكار للرعاية على الفاصلة .