تخصيص من عموم الأمر بالحجاب الذي اقتضاه قوله:{ فاسألوهن من وراء حجاب}[ الأحزاب: 53] .
وإنما رفع الجناح عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم تنبيهاً على أنهن مأمورات بالحجاب كما أمر رجال المسلمين بذلك معهن فكان المعنى: لا جناح عليهن ولا عليكم ،كما أن معنى{ فاسألوهن من وراء حجاب} أنهن أيضاً يُجِبن من وراء حجاب كما تقدمت الإِشارة إليه يقوله:{ ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}[ الأحزاب: 53] .
والظرفية المفادة من حرف{ في} مجازية شائعة في مثله ،يقال: لا جناح عليك في كذا ،فهو كالحقيقة فلا تلاحظ فيه الاستعارة ،والمجرور مقدر فيه مضاف تقديره: في رُؤية آبائهن إيَّاهُن ،وإنما رجح جانبهن هنا لأنه في معنى الإِذن ،لأن الرجال مأمورون بالاستئذان كما اقتضته آية سورة النور ،والإِذن يصدر منهن فلذلك رُجّح هنا جانبهن فأضيف الحكم إليهن .
والنساء: اسم جمع امرأة لا مفرد له من لفظه في كلامهم ،وهن الإِناث البالغات أو المراهقات .
والمراد ب{ نسائهن} جميع النساء ،فإضافته إلى ضمير الأزواج اعتبار بالغالب لأن الغالب أن تكون النساء اللاتي يدخلن على أمهات المؤمنين نساء اعتدن أن يدخلن عليهن ،والمراد جميع النساء .
ولم يذكر من أصناف الأقرباء الأعمام ولا الأخوال لأن ذكر أبناء الإِخوان وأبناء الأخوات يقتضي اتحاد الحكم ،من أنه لما رفِع الحرج عنهن فيمن هن عمات لهن أو خالات كان رفع الحرج عنهن في الأعمام والأخوال كذلك ،وأما قرابة الرضاعة فمعلومة من السنة ،فأريد الاختصار هنا إذ المقصود التنبيه على تحقيق الحجاب ليفضي إلى قوله:{ واتقين الله} .
والتفت من الغيبة إلى خطابهن في قوله:{ واتقين الله} لتشريف نساء النبي صلى الله عليه وسلم بتوجيه الخطاب الإِلهي إليهن .
والشهيد: الشاهد مبالغة في الفعل .