و{ ليوفيهم} متعلق ب{ يرجون} ،أي بشرناهم بذلك وقدَّرناه لهم لنوفيهم أجورهم .ووقع الالتفات من التكلم في قوله:{ مما رزقناهم} إلى الغيبة رجوعاً إلى سياق الغيبة من قوله:{ يتلون كتاب الله} أي ليوفي الله الذين يتلون كتابه .
والتوفية: جعل الشيء وافِياً ،أي تامّاً لا نقيصة فيه ولا غبن .
وأسْجلَ عليهم الفضل بأنه يزيدهم على ما تستحقه أعمالهم ثواباً من فضله ،أي كرمه ،وهو مضاعفة الحسنات الواردة في قوله تعالى:{ كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة}[ البقرة: 261] الآية .
وذيل هذا الوعد بما يحققه وهو أن الغفران والشكران من شأنه ،فإنّ من صفاته الغفور الشكور ،أي الكثير المغفرة والشديد الشكر .
فالمغفرة تأتي على تقصير العباد المطيعين ،فإن طاعة الله الحقّ التي هي بالقلب والعمل والخواطر لا يبلغ حق الوفاء بها إلا المعصوم ولكن الله تجاوز عن الأمة فيما حدّثت به أنفسها ،وفيما همت به ولم تفعله ،وفي اللمم ،وفي محو الذنوب الماضية بالتوبة ،والشكر كناية عن مضاعفة الحسنات على أعمالهم فهو شكر بالعمل لأن الذي يجازي على عمل المجزيّ بجزاء وافر يدل جزاؤه على أنه حمد للفاعل فعله .
وأكد هذا الخبر بحرف التأكيد زيادة في تحقيقه ،ولما في التأكيد من الإِيذان بكون ذلك علة لتوفية الأجور والزيادة فيها .
وفي الآية ما يشمل ثواب قُرَّاء القرآن ،فإنهم يصدق عنهم أنهم من الذين يتلون كتاب الله ويقيمون الصلاة ولو لم يصاحبهم التدبر في القرآن فإن للتلاوة حظها من الثواب والتنوّر بأنوار كلام الله .