وجملة{ لا فِيها غَوْلٌ} صفة رابعة لكأس باعتبار إطلاقه على الخمر .
والغَول ،بفتح الغيْن: ما يعتري شارب الخمر من الصداع والألم ،اشتق من الغَول مصدرِ غاله ،إذا أهلكه .وهذا في معنى قوله تعالى:{ لا يصدعون عنها}[ الواقعة: 19] .
وتقديم الظرف المسند على المسند إليه لإِفادة التخصيص ،أي هو منتففٍ عن خمر الجنة فقط دونَ ما يعرف من خمر الدنيا ،فهو قصر قلب .ووقوع{ غَوْلٌ} وهو نكرة بعد{ لا} النافية أفاد انتفاء هذا الجنس من أصله ،ووجب رفعه لوقوع الفصل بينه وبين حرف النفي بالخبر .
وجملة{ ولا هم عنها يُنزفون} معطوفة على جملة{ لا فيها غَوْلٌ} .
وقدّم المسند عليه على المسند ،والمسند فعل ليفيد التقديم تخصيص المسند إليه بالخبر الفعلي ،أي بخلاف شاربي الخمر من أهل الدنيا .
و{ يُنزَفُونَ} مبني للمجهول في قراءة الجمهور يقال: نُزف الشارب ،بالبناء للمجهول إذا كان مجرداً ( ولا يُبنى للمعلوم ) فهو منزوف ونزيف ،شبهوا عقل الشارب بالدم يقال: نُزف دمُ الجريح ،أي أُفرغ .وأصله من: نَزفَ الرجُلُ مَاءَ البئر متعدياً ،إذا نَزحه ولم يُبق منه شيئاً .وقرأه حمزة والكسائي وخلف{ يُنزِفُونَ} بضم اليَاء وكسر الزاي من أُنزف الشاربُ ،إذا ذهب عقله ،أي صار ذَا نَزَف ،فالهمزة للصيرورة لا للتعدية .