تخلص إلى حكاية موقف إبراهيم عليه السلام من قومه في دعوتهم إلى التوحيد وما لاقاه منهم وكيف أيده الله ونجّاه منهم ،وقع هذا التخلص إليه بوصفه من شيعة نوح ليفيد بهذا الأسلوب الواحِد تأكيد الثناء على نوح وابتداءَ الثناء على إبراهيم وتخليد منقبة لنوح إن كان إبراهيم الرسول العظيم من شيعته وناهيك به .وكذلك جَمع محامد لإِبراهيم في كلمة كونه من شيعة نوح المقتضي مشاركته له في صفاته كما سيأتي ،وهذا كقوله تعالى:{ ذرية من حملنا مع نوح}[ الإسراء: 3] .
والشيعة: اسم لمن يناصر الرجل وأتباعِه ويتعصب له فيقع لفظ شيعة على الواحد والجمع .وقد يجمع على شِيع وأشياع إذا أريد: جماعات كلُّ جماعة هي شيعة لأحد .
وقد تقدم عند قوله تعالى:{ ولقد أرسلنا من قبلك في شِيَع الأولين} في سورة[ الحجر: 10] ،وعند قوله تعالى:{ وجعل أهلها شيعاً} في سورة[ القصص: 4] .
وكان إبراهيم من ذرية نوح وكان دينه موافقاً لدين نوح في أصله وهو نبذ الشرك .
وجعل إبراهيم من شيعة نوح لأن نوحاً قد جاءت رسل على دينه قبل إبراهيم منهم هود وصالح فقد كانا قبل إبراهيم لأن القرآن ذكرهما غير مرة عقب ذكر نوح وقبل ذكر لوط معاصر إبراهيم .ولقول هود لقومه:{ واذكروا إذ جعلكم خلفاءَ من بعد قوم نوح}[ الأعراف: 69] ،ولقول صالح لقومه:{ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد}[ الأعراف: 74] ،وقول شعيب لقومه:{ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد}[ هود: 89] .فجعل قوم لوط أقرب زمناً لقومه دون قوم هود وقوم صالح .وكان لوط معاصر إبراهيم فهؤلاء كلهم شيعة لنوح وإبراهيم من تلك الشيعة وهذه نعمة حادية عشرة .
وتوكيد الخبر ب{ إنّ} ولام الابتداء للردّ على المشركين لأنهم يزعمون أنهم على ملة إبراهيم وهذا كقوله تعالى:{ وما كان من المشركين}[ البقرة: 135] .