وهذا حديثٌ في خط الرسالة عن عبدٍ من عباد الله المؤمنين تنوعت حركة حياته في مواجهة التحديات الصعبة ،وفي الاستسلام المطلق لله بالمستوى الذي يتمثل فيه الإيمان الصافي والعبودية الحقّة ،في شعورٍ عميق بأنه لا يملك أيّ شيء أمام الله ،ولا حُرِّيّة له بين يديه .
{وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْراَهِيمَ} أي من شيعة نوح وأتباعه ،بما يمثله التوافق في الخط الرسالي الملتزم بالله فكراً وعملاً ،باعتبار أن كل من وافق غيره في طريقته فهو من شيعته ،سواء تقدّم أو تأخّر .وقد يكون في هذا الحديث عن إبراهيم من بعد نوح ،واعتباره شيعةً له ،بعض الإيحاء بوحدة الخطوط العامة للرسولَيْن وللرسالتين ،وبالانفتاح على الحياة كلها في الخط العملي .وقد نستوحي من إهمال الحديث عن نبيٍّ آخر بعد نوح ،وجود فراغٍ رسوليٍّ بينهما ،لعدم الحاجة إلى ذلك ،بفعل المبلّغين الذين قد يكونون خلفاء أو أوصياء لنوح في دائرة رسالته ،أو لعدم وجود وقتٍ كبير بينهما ،لأننا لا نملك معرفةً للفاصل الزمنيّ بين الرسولين .