الواو في{ والله خلقكم وما تعملون} واو الحال ،أي أتيتم منكراً إذ عبدتم ما تصنعونه بأيديكم والحال أن الله خلقكم وما تعملون وأنتم مُعرِضون عن عبادته ،أو وأنتم مشركون معه في العبادة مخلوقاتٍ دونكم .والحال مستعملة في التعجيب لأن في الكلام حذفاً بعد واو الحال إذ التقدير: ولا تعبدون الله وهو خلقكم وخلق ما نحتموه .
و{ ما} موصولة و{ تَعملُونَ} صلة الموصول ،والرابط محذوف على الطريقة الكثيرة ،أي وما تعملونها .ومعنى{ تعملون} تنحتون .وإنما عدل عن إعادة فعل{ تنحتون} لكراهية تكرير الكلمة فلما تقدّم لفظ{ تَنْحِتُونَ} علم أن المراد ب{ ما تعملون} ذلك المعمول الخاص وهو المعمول للنحت لأن العمل أعمّ .يقال: عملت قميصاً وعملتُ خاتماً .وفي حديث صنع المنبر «أرسل رسوُل الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار أنْ مُري غلامك النجّارَ يعمَلْ لي أعواداً أُكلّم عليها الناس»
وخلق الله إياها ظاهر ،وخلقه ما يعملونها: هو خلق المادة التي تصنع منها من حجر أو خشب ،ولذلك جمع بين إسناد الخلق إلى الله بواو العطف ،وإسنادِ العمل إليهم بإسناد فعل{ تعملُونَ .
وقد احتج الأشاعرة على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى بهذه الآية على أن تكون{ ما} مصدرية أو تكون موصولة ،على أن المراد: ما تعملونه من الأعمال .وهو تمسك ضعيف لما في الآية من الاحتمالين ولأن المقام يرجح المعنى الذي ذكرناه إذ هو في مقام المحاجّة بأن الأصنام أنفسها مخلوقة لله فالأولى المصير إلى أدلة أخرى .