عطف على{ هذا فوجٌ مُقتحمٌ معكُم}[ ص: 59] على ما قدّر فيه من فعلِ قَول محذوفٍ كما تقدم ،فهذا من قول الطاغين فإنهم الذين كانوا يحقِّرون المسلمين .
والاستفهام في{ ما لنا لا نرى رِجالاً} استفهام يلقيه بعضهم لبعض تلهّفاً على عدم رؤيتهم من عرفوهم من المسلمين مكنًّى به عن ملام بعضهم لبعض على تحقيرهم المسلمين واعترافهم بالخطأ في حسبانهم .فليس الاستفهام عن عدم رؤيتهم المسلمين في جهنم استفهاماً حقيقياً ناشئاً عن ظن أنهم يجدون رجال المسلمين معهم إذ لا يخطر ببال الطاغين أن يكون رجال المسلمين معهم ،كيف وهم يعلمون أنهم بضد حالهم فلا يتوهمونهم معهم في العذاب ،ويجوز أن يكون الاستفهام حقيقياً استفهموا عن مصير المسلمين لأنهم لم يروهم يومئذٍ ،إذ قد علموا أن الناس صاروا إلى عالَم آخر وهو الذي كانوا يُنذرون به ،ويكون قولهم:{ ما لنا لا نرى رِجالاً} الخ تمهيداً لقولهم:{ أتخذناهم سخرِيّاً} على كلتا القراءتين الآتي ذكرهما .
و{ الأشرار}: جمع شرَ الذي هو بمعنى الأشر ،مثل الأخيار جمع خَيْر بمعنى الأَخْيَر ،أو هو: جمع شِرِّير ضد الخيِّر ،أي الموصوفين بشر الحالة ،أي كُنا نحسبهم أشقياء قد خسروا لذة الحياة باتّباعهم الإِسلام ورضاهم بشظف العيش ،وهم يعنون أمثال بلال ،وعمار بن ياسر ،وصهيب ،وخباب ،وسلمان .وليس المراد أنهم يعدونهم أشراراً في الآخرة مستحقين العذاب فإنهم لم يكونوا يؤمنون بالبعث .