لما كان هذا تكملة لكلام الذي آمن ولم يكن فيه تعريج على محاورة فرعون على قوله:{ مَا أريكم إلاَّ مَا أرى}[ غافر: 29] الخ وكان الذي آمن قد جعل كلام فرعون في البَيْن واسترسل يكمل مقالته عُطف فعل قوله بالواو ليتصل كلامه بالكلام الذي قبله ،ولئلا يتوهم أنه قصد به مراجعة فرعون ولكنه قصد إكمال خطابه ،وعبر عنه بالذي آمن لأنه قد عرف بمضمون الصلة بعد ما تقدم .وإعادته نداء قومه تأكيد لما قصده من النداء الأول حسبما تقدم .
وجعل الخوف وما في معناه يتعدى إلى المخوف منه بنفسه وإلى المخوف عليه بحرف ( على ) قال لبيد يرثي أخاه أربد:
أخشَى على أرْبَدَ الحُتوفَ ولا *** أخشَى عليه الرياحَ والمطرا
و{ يَوْمِ الأحْزَابِ} مراد به ،الجنس لا ( يومٌ ) معين بقرينة إضافته إلى جمعٍ أزمانُهم متباعدة .فالتقدير: مثل أيام الأحزاب ،فإفراد يوم للإِيجاز ،مثل بطن في قول الشاعر وهو من شواهد سيبويه في باب الصفة المشبهة بالفاعل:
كلُوا في بعض بَطْنِكم تَعِفُّوا *** فإن زَمانكم زمنٌ خميص
والمراد بأيام الأحزاب أيام إهلاكهم والعرب يطلقون اليوم على يوم الغالب ويوم المغلوب .والأحزاب الأمم لأن كل أمة حِزبٌ تجمعهم أحوال واحدة وتناصر بينهم فلذلك تسمى الأمة حزباً ،وتقدم عند قوله تعالى:{ كل حزب بما لديهم فرحون} في سورة[ المؤمنين: 53] .