أعقب تخويفَهم بعقاب الدنيا الذي حلّ مثله بقوم نوح وعاد وثمود والذينَ مِن بعدهم بأنْ خَوَّفهم وأنذَرَهم عذاب الآخرة عاطفاً جملته على جملة عذاب الدنيا .
وأَقْحَم بين حرف العطف والمعطوففِ نداء قومه للغرض الذي تقدم آنفاً .
و{ يَوْمَ التَّنَادِي} هو يوم الحساب والحشر ،سمي{ يَوْمَ التَّنَادي} لأن الخلق يتنادون يومئذٍ: فَمِن مستشفع ومن متضرع ومن مسلِّم ومهنِّىءٍ ومن موبّخ ومن معتذر ومن آمر ومن معلن بالطاعة قال تعالى:{ يوم يناديهم}[ فصلت: 47] ،{ أولئك ينادون من مكان بعيد}[ فصلت: 44] ،{ ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار}[ الأعراف: 44] ،{ ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة}[ الأعراف: 50] ،{ يوم ندعوا كل أناس بإمامهم}[ الإسراء: 71] ،{ دعوا هنالك ثبورا}[ الفرقان: 13] ،{ يوم يدعُ الداعِ إلى شيء نكر}[ القمر: 6] ونحو ذلك .ومن بديع البلاغة ذكر هذا الوصف لليوممِ في هذا المقام ليُذكرهم أنه في موقفه بينهم يناديهم ب ( يا قوم ) ناصحاً ومريداً خلاصهم من كل نداء مفزع يوم القيامة ،وتأهيلَهم لكل نداء سارّ فيه .
وقرأ الجمهور{ يَوْمَ التَّنَادِ} بدون ياء في الوصل والوقففِ وهو غير منون ولكن عومل معاملة المنوّن لقصد الرعاية على الفواصل ،كقول التاسعة من نساء حديث أم زرع: « زَوجي رفيعُ العِماد ،طويل النِجَاد ،كثيرُ الرماد ،قريبُ البيت من الناد » فحذفت الياء من كلمة ( الناد ) وهي معرِفة .
وقرأ ابن كثير{ يوم التنادي بإثبات الياء على الأصل اعتباراً بأن الفاصلة هي قوله: فَمَا لَهُ مِن هَادٍ} .