دلت الفاء على أن ما بعدها مفرع عما قبلها: فإمّا أن يكون تفريعاً على آخِر ما تقدم وهو قوله:{ وقَالَ الذينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لهذا القُرآن}[ فصلت: 26] الآية ،وإمّا أن يكون مفرعاً على جميع ما تقدم ابتداء من قوله:{ وقالوا قلوبنا في أكِنَّة مما تَدْعُونا إليه}[ فصلت: 5] الآية وقوله:{ فَإِنْ أَعْرضُوا}[ فصلت: 13] الآية وقوله:{ ويَوْمَ نَحْشر أعداء الله إلى النَّار}[ فصلت: 19] الآية وقوله:{ وَقَيَّضْنَا لهم قُرَنَاءَ}[ فصلت: 25] الآية وقوله:{ وقال الذين كفروا لا تسمعوا}[ فصلت: 26] الخ .وعلى كلا الوجهين يتعين أن يكون المراد ب{ الَّذِينَ كَفَرُوا} هنا: المشركين الذين الكلام عنهم .
ف{ الَّذِينَ كَفَرُوا} إظهار في مقام الإِضمار لقصد ما في الموصول من الإِيماء إلى علة إذاقة العذاب ،أي لكفرهم المحكي بعضه فيما تقدم .وإذاقة العذاب: تعذيبُهم ،استعير له الإِذاقة على طريق المكنية والتخييلة .والعذاب الشديد عن ابن عباس: أنه عذاب يوم بدر فهو عذاب الدنيا .
وعطف{ ولنَجْزِيَنَّهُم أسوَأَ الذي كانُوا يعمَلُونَ} عن ابن عباس: لنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون في الآخرة .و{ أسوَأَ الذي كانُوا يعمَلُونَ} منصوب على نزع الخافض .والتقدير: على أسوأ ما كانوا يعملون ،ولك أن تجعله منصوباً على النيابة عن المفعول المطلق تقديره: جزاء مماثلاً أسوأَ الذي كانوا يعملون .
وأسوأ: اسم تفضيل مسلوب المفاضلة ،وإنما أريد به السّيىء ،فصيغ بصيغة التفضيل للمبالغة في سوئه .وإضافتُه إلى{ الذي كانُوا يعمَلُونَ} من إضافة البعض إلى الكل وليس من إضافة اسم التفضيل إلى المفضل عليه .