وافتتح بيان حال الذين كفروا بما يقال لهم من التوبيخ والتقرير من قِبَل الله تعالى ،فقوله:{ أفلم تكن آياتي} مقول قول محذوف لظهور أن ذلك خطاب صادر من متكلم من جانب الله تعالى فيقدر فيقال لهم على طريقة قوله بعد{ وقيل اليوم ننساكم}[ الجاثية: 34] .والفاء جواب{ أمّا} ،أو فيقال لهم{ أفلم تكن آياتي تتلى عليكم} فلما حذف فعل القول قُدم حرف الاستفهام على فاء الجواب اعتداداً باستحقاقه التصديرَ كما يُقدم الاستفهام على حروف العطف .ولم يتعدّ بالمحذوف لأن التقديم لدفع الكراهة اللفظية من تأخر الاستفهام عن الحرف وهي موجُودة بعد حذف ما حُذف .
والاستفهام توبيخ وتقرير .والمراد بالآيات القرآن ،أي فاستكبرتم على الأخذ بها ولم تقتصروا على الاستكبار بل كنتم قوماً مجرمين ،أي لم تفدكم مواعظ القرآن صلاحاً لأنفسهم بما سمعتم منه .وإقحام{ قوماً} دون الاقتصار على: وكنتم مجرمين ،للدلالة على أن الإجرام صار خُلقاً لهم وخالط نفوسهم حتى صار من مقومات قوميتهم وقد قدمناه غير مرة .