يجوز أن تكون الإشارة وبيانها بآيات الله إشارة إلى الآيات المذكورة في قوله{ لآيات للمؤمنين}[ الجاثية: 3] وقوله:{ آيات لقوم يوقنون}[ الجاثية: 4] وقوله:{ آيات لقوم يعقلون}[ الجاثية: 5] .
وإضافتها إلى اسم الجلالة لأن خالقها على تلك الصفات التي كانت لها آيات للمستنصرين .
وجملة{ نتلوها عليك بالحق} في موضع الحال من{ آيات الله} والعامل في اسم الإشارة من معنى الفعل على نحو قوله تعالى:{ وهذا بَعْلِي شيخاً}[ هود: 72] .
والتلاوة: القراءة .ومعنى كون الآيات مَتلوة أنّ في ألفاظ القرآن المتلوة دلالة عليها فاستعمال فعل ( نتلو ) مجاز عقلي لأن المتلوَ ما يدل عليها .
ويجوز أن تكون الإشارة إلى حاضر في الذهن غير مذكور لما دَل عليه قوله:{ الكتاب}[ الجاثية: 2] أي تلك آيات الله المنزلة في القرآن ،فيكون استعمال فعل{ نتلوها} في حقيقته .
وإسناد التلاوةِ إلى الله مجاز عقلي أيضاً لأن الله موجد القرآن المتلو الدال على تلك الآيات .
وقوله:{ فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون} ،و{ بعد} هنا بمعنى ( دون ) .فالمعنى: فبأي حديث دون الله وآياته ،وتقدم قوله تعالى:{ ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده} في سورة الشورى ( 44 ) ،وفي الأعراف ( 185 ){ فبأي حديث بعده يؤمنون} والاستفهام في قوله:{ فبأي حديث} مستعمل في التأييس والتعجيب كقول الأعشى:
فمن أيِّ ما تأتي الحوادث أفرَقُ
وإضافة{ بعد} إلى اسم الجلالة على تقدير مضاف دل عليه ما تقدم من قوله:{ فبأي حديث} ،والتقدير: بعد حديث الله ،أي بعد سماعه ،كقول النابِغة:
قد خفت حتى ما تزيد مخافتي *** على وعل في ذي المطارة عاقل
أي على مخافة وعل .
واسم{ بعد} مستعمل في حقيقته .
والمراد بالحديث: الكلام ،يعني القرآن كقوله:{ الله نَزَّل أحسن الحديث}[ الزمر: 23] وكما وقع إضافة حديث إلى ضمير القرآن في قوله في الأعراف ( 185 ){ فبأيّ حديث بعده يؤمنون} وفي آخر المرسلات ( 50 ){ فبأيّ حديث بعده يؤمنون} وعطف و{ آياته} على{ حديث} لأن المراد بها الآيات غير القرآن من دلائل السموات والأرض مما تقدم في قوله:{ إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين}[ الجاثية: 3] .
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص وأبو جعفر وروح عن يعقوب{ يؤمنون} بالتحتية .وقرأه ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر ورويس عن يعقوب بالتاء الفوقية فهو التفات .