معنى{ قربه} وضعه قريباً منهم ،أي لم ينقلهم من مجلسهم إلى موضع آخر بل جعل الطعام بين أيديهم .
وهذا من تمام الإكرام للضيف بخلاف ما يُطعمه العافي والسائِل فإنه يدعى إلى مكان الطعام كما قال الفرزدق:
فقلتُ إلى الطعام فقال مِنهم *** فريقٌ يحسد الأنس الطعاما
ومجيء الفاء لعطف أفعال{ فراغ}{ فجاء}{ فقرّبه} للدلالة على أن هذه الأفعال وقعت في سرعة ،والإسراع بالقِرى من تمام الكرم ،وقد قيل: خير البر عاجله .
وجملة{ قال ألا تأكلون} بدل اشتمال من جملة{ قربه إليهم} .
و{ ألا} كلمة واحدة ،وهي حرف عَرْض ،أي رغبةٍ في حصول الفعل الذي تدخل عليه .وهي هنا متعينة للعَرض لوقوع فعل القول بدلاً من فعل{ قرَّبه إليهم} ،ولا يحسن جعلها كلمتين من همزة استفهام للإنكار مع ( لا ) النافية .
والعرض على الضيف عقب وضع الطعام بين يديه زيادة في الإكرام بإظهار الحرص على ما ينفع الضيف وإن كان وضع الطعام بين يديه كافياً في تمكينه منه .وقد اعتبر ذلك إذناً عند الفقهاء في الدعوة إلى الولائم بخلاف مجرد وجود مائدة طعام أو سُفرة ،إذ يجوز أن تكون قد أعدت لغير المدعوّ .