تفريع على قوله:{ كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول} إلى قوله:{ بل هم قوم طاغون}[ الذاريات: 52 ،53] لمشعر بأنهم بُعَدَاء عن أن تقنعهم الآياتُ والنذر فتوَلَّ عنهم ،أي أعرض عن الإِلحاح في جدالهم ،فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على إيمانهم ويغتمّ من أجل عنادهم في كفرهم فكان الله يعاود تسليته الفيْنة بعد الفَيْنَة كما قال:{ لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين}[ الشعراء: 3]{ فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً}[ الكهف: 6]{ ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون}[ النحل: 127] ،فالتولي مراد به هذا المعنى ،وإلا فإن القرآن جاء بعد أمثال هذه الآية بدعوتهم وجِدالهم غير مرة قال تعالى:{ فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون} في سورة الصافات ( 174 175 ) .
وفرع على أمره بالتولي عنهم إخباره بأنه لا لوم عليه في إعراضهم عنه وصيغ الكلام في صيغة الجملة الاسمية دون: لا نلومك ،للدلالة على ثبات مضمون الجملة في النفي .
وجيء بضمير المخاطب مسنداً إليه فقال: فما أنت بملوم} دون أن يقول: فلا ملام عليك ،أو نحوه للاهتمام بالتنويه بشأن المخاطب وتعظيمه .
وزيدت الباء في الخبر المنفي لتوكيد نفي أن يكون ملوماً .