{ أم خلقوا السماوات والأرض}
وجملة{ أم خلقوا السموات والأرض} يظهر لي أنها بدل من جملة{ أم هم الخالقون} بدلَ مفصَّل من مُجمل إن كان مفعول{ الخالقون} المحذوفُ مراداً به العمومُ وكان المراد بالسماء والأرضضِ ذاتيهما مع من فيهما ،أو بَدل بعض من كل أن المراد ذاتي السماوات والأرض ،فيكون تخصيص السماوات والأرض بالذكر لعظم خلقهما .
وإعادة حرف{ أم} للتأكيد كما يُعاد عامل المبدَل منه فِي البدل ،والمعنى: أم هم الخالقون للسماوات والأرض .
والاستفهام إنكاري والكلام كناية عن إثبات أن الله خالق السماوات والأرض .
والمعنى: أن الذي خلق السماوات والأرض لا يُعجزه إعادة الأجساد بعد الموت والفناء .وهذا معنى قوله تعالى:{ أو لم يروا أن اللَّه الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم}[ الإسراء: 99] أي أن يخلق أمثال أجسادهم بعد انعدامهم .
{ بَل لاَّ يُوقِنُون} .
إضراب إبطال على مضمون الجملتين اللتين قبله ،أي لم يُخلقوا من غير شيء ولا خَلقوا السماوات والأرض ،فإن ذلك بينّ لهم فما إنكارهم البعث إلا ناشىء عن عدم إيقانهم في مظانّ الإِيقان وهي الدلائل الدالة على إمكان البعث وأنه ليس أغرب من إيجاد المخلوقات العظيمة ،فما كان إنكارهم إياه إلا عن مكابرة وتصميم على الكفر .
والمعنى: أن الأمر لا هَذا ولا ذلك ولكنهم لا يُوقنون بالبعث فهم ينكرونه بدون حجة ولا شبهة بل رانَتْ المكابرة على قلوبهم .