ويجوز أن يكون الأمر في قوله:{ فذرهم} مستعملاً في تهديدهم لأنهم يسمعونه حين يقرأُ عليهم القرآن كما يقال للذي لا يرعوي عن غيه: دعه فإنه لا يقلع .
وأفادت الغاية أنه يتركهم إلى الأبد لأنهم بعد أن يصعقوا لا تُعاد محاجتهم بالأدلة والآيات .
وقرأ الجمهور{ يلاقوا} .وقرأه أبو جعفر{ يَلْقوا} بدون ألف بعد اللام .
و « اليوم الذي فيه يصعقون » هو يوم البعث الذي يصعق عنده من في السماوات ومن في الأرض .
وإضافة اليوم إلى ضميرهم لأنهم اشتهروا بإنكاره وعرفوا بالذين لا يؤمنون بالآخرة .وهذا نظير النسب في قول أهل أصول الدين: فلان قدري ،يريدون أنه لا يؤمن بالقدر .فالمعنى بنسبته إلى القدر أنه يخوض في شأنه ،أو لأنه اليوم الذي أوعدوه ،فالإِضافة لأدنى ملابسة .
ونظيره قوله تعالى:{ وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون}[ الأنبياء: 103] .
والصعق: الإِغماء من خوف أو هلع قال تعالى:{ وخر موسى صعقاً}[ الأعراف: 143] ،وأصله مشتق من الصاعقة لأن المصاب بها يُغمى عليه أو يموت ،يقال: صَعِق ،بفتح فكسر ،وصُعِق بضم وكسر .
وقرأه الجمهور{ يصعقون} بفتح المثناة التحتية ،وقرأه ابن عامر وعاصم بضم المثناة .
وذلك هو يوم الحشر قال تعالى:{ ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللَّه}[ الزمر: 68] ،وملاقاتهم لليوم مستعارة لوقوعه ،شُبه اليوم وهو الزمان بشخص غائب على طريقة المكنية وإثباتُ الملاقاة إليه تخييل .والملاقاة مستعارة أيضاً للحلول فيه ،والإتيان بالموصول للتنبيه على خطئهم في إنكاره .