الفاء لتفريع الاستفهام التعجيبي على قوله{ ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى} إذ كان حال هذا الذي تولى وأعطى قليلا وأكدا جهلا بأن للإنسان ما سعى وقد حصل في وقت نزول الآية المتقدمة أو قبلها حادث أنبأ عن سوء الفهم لمراد الله من عباده مع أنه واضح لمن صرف حق فهمه .ففرع على ذلك كله تعجيب من انحراف أفهامهم
فالذي تولى وأعطى قليلا هو هنا ليس فريقا مثل الذي عناه قوله{ فأعرض عمن تولى عن ذكرنا} بل هو شخص بعينه .واتفق المفسرون والرواة على أن المراد به هنا معين ولعل ذلك وجه التعبير عنه بلفظ{ الذي} دون كلمة{ من} لأن{ الذي} أظهر في الإطلاق على الواحد المعين دون لفظ{ من} .واختلفوا في تعيين هذا{ الذي تولى وأعطى قليلا} فروى الطبري والقرطبي عن مجاهد وابن زيد أن المراد به الوليد بن المغيرة قالوا: كان يجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويستمع إلى قراءته وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظه فقارب أن يسلم فعاتبه رجل من المشركين{ لم يسموه} وقال: لم تركت دين الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار كان ينبغي أن تنصرهم فكيف يفعل بآبائك فقال:{ إني خشيت عذاب الله} فقال:{اعطني شيئا وأنا أحمل عنك كل عذاب كان عليك} فأعطاه{ ولعل ذلك كان عندهم التزاما يلزم ملتزمه وهم لا يؤمنون بجزاء الآخرة فلعله تفادى من غضب الله في الدنيا ورجع إلى الشرك} ولما سأله الزيادة بخل عنه وتعاسر وأكدى
وروى القرطبي عن السدي: أنها نزلت في العاصي بن وائل السهمي وعن محمد بن كعب: نزلت في أبي جهل وعن الضحاك: نزلت في النضر بن الحارث
ووقع في أسباب النزول للواحدي والكشاف أنها نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي السرح حين صد عثمان بن عفان عن نفقة في الخير كان ينفقها «أي قبل أن يسلم عبد الله بن سعد» رواه الثعلبي عن قوم .قال ابن عطية: وذلك باطل وعثمان منزه عن مثله, أي عن أن يصغي إلى أنه تولى عن النظر في الإسلام بعد أن قاربه