مناسبة النزول
جاء في الكشاف: «روي أن عثمان رضي الله عنه كان يعطي ماله في الخير ،فقال له عبد الله بن سعد بن أبي سرَحوهو أخوه من الرضاعة: يوشك أن لا يبقى لك شيءٌ ،فقال عثمان: إن لي ذنوباً وخطايا ،وإني أطلب بما أصنع رضى الله تعالى وأرجو عفوه ،فقال عبد الله: أعطني ناقتك برحلها ،وأنا أتحمَّل عنك ذنوبك كلها ،فأعطاه وأشهد عليه .وأمسك عن العطاء فنزلت »[ 1] .
قد تكون هذه الرواية صحيحةً وقد لا تكون ،كما يشير إلى ذلك بعض المفسرين تحفّظاً على نسبتها أو لأنها روايةٌ مرسلةٌ لا تثبت أمام موازين صحة الرواية ،ولكن أجواءها توحي إلينا بالفكرة التي جسّدها نموذج حيّ في الواقع زمن نزول الآية ،ويمكن أن تتجسد في كل وقت ،كحالةٍ فرضيةٍ متحركة .
فهذا إنسانٌ كان يعيش حركة العطاء في حياته ،ولكنه امتنع عن ذلك وأمسك ،بسبب حديثٍ مع أحدهم ادعى أنه سيتحمّل عنه ذنوبه أمام الله في مقابل المال .
وربما كان موضوع الآيات مرتبطاً بشخصٍ كافرٍ أو مشركٍ ،أعرض الله عن ذكره ،وتحرّك في العطاء بشكلٍ طارىءٍ بحيث كان يعطي تارةً ثم يمتنع ،لأنه لم يعش روحيّة العطاء ،ولم يحسب حساب المسؤولية المنطلقة من مواقع الإيمان ،حيث لا يملك الإنسان في الآخرة إلا سعيه ،ولا يتحمل أحدٌ عنه وزره ،مهما كان قريباً إليه ،أو لصيقاً به .
لا تزر وازرة وزر أخرى
{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى*