{الذين يجتنبُون كبائر الإثم والفواحش إلا اللّمم} والمراد بكبائر الإثم ،المعاصي الكبيرة التي توعّد الله عليها بالنار ،كما جاء في بعض الأحاديث عن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ،أمّا الفواحش ،فهي الذنوب الشنيعة التي تتعلق بالجانب الجنسي كالزِّنى واللواط ونحوهما .أمَّا المراد باللمم ،فقد قيل: إن معناه هو الصغيرة من المعاصي ،فيكون الاستثناء منقطعاً ،وقيل: هو أن يلم بالمعصية ويقصدها ولا يفعل ،وقيل: هي المعصية حيناً بعد حين من غير عادة ،أي المعصية الاتفاقية من دون فرقٍ بين الصغيرة والكبيرة ،وهذا هو ما روي عن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) .
{إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ} لمن تعلّق برحمته ،وطرق أبواب مغفرته بالتوبة .{هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ} بما تخفون من سرائركم ،وما تخضعون له من نقاط الضعف التي تدفعكم إلى المعصية والانحراف عن خط الاستقامة ،وفي ما تلتفتون إليه من التراجع عن ذلك ،والتوبة إلى الله منه ،فهو الذي خلقكم ،{إِذْ أَنشَأَكُمْ مّنَ الأرْضِ} التي أنتم جزءٌ منها{وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} في موضع رعايته وتدبيره ،ينمِّي أجسادكم وعقولكم ويتعهّدكم بكل مواقع لطفه وعنايته ،{فَلاَ تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ} لتستعرضوا كل الأوضاع التي تحسّن صورتكم وتزكّي مواقفكم ،ف{هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} لما يعلمه من خفايا سريرته ،وحقيقة عمله ،ويطلع من أموركم على ما لا تلتفتون إليه منها .