لما جرى ذكر الفُرش وهي مما يعد للاتكاء والاضطجاع وقت الراحة في المنزل يخطر بالبال بادىء ذي بدء مصاحبة الحُور العين معهم في تلك الفرش فيتشوف إلى وصفهن ،فكانت جملة:{ إنا أنشأناهن إنشاءً} بياناً لأن الخاطر بمنزلة السؤال عن صفات الرفيقات .
فضمير المؤنث من{ أنشأناهن} عائد إلى غير مذكور في الكلام ولكنه ملحوظ في الأفهام كقول أبي تمام في طالع قصيدة:
هُنّ عوادي يوسفٍ وصواحبه
ومنه قوله تعالى:{ حتى توارت بالحجاب}[ ص: 32] .وهذا أحسن وجه في تفسير الآية ،فيكون لفظ{ فرش}[ الواقعة: 34] في الآية مستعملاً في معنييه ويكون{ مرفوعة}[ الواقعة: 34] مستعملاً في حقيقته ومجازه ،أي في الرفع الحسي والرفع المعنوي .
والإِنشاء: الخَلق والإِيجاد فيشمل إعادة ما كان موجوداً وعُدم ،فقد سمّى الله الإِعادة إنشاء في قوله تعالى:{ ثم الله ينشىء النشأة الآخرة}[ العنكبوت: 20] فيدخل نساء المؤمنين اللاءِ كُنّ في الدنيا أزواجاً لمن صاروا إلى الجنة ويشمل إيجادَ نساء أُنُفاً يُخلقن في الجنة لنعيم أهلها .