وقوله:{ ومن آبائهم} عطف على قوله:{ كُلاً} .فالتَّقدير: وهدينا من آبائهم وذرّيّاتهم وإخوانهم .وجعل صاحب « الكشاف » ( مِن ) اسما بمعنى بعض ،أي وهدينا بعض آبائهم على طريقته في قوله تعالى:{ من الَّذين هادوا يحرّفون}[ النساء: 46] .وقدّر ابنُ عطيّة ومن تبعه المعطوف محذوفاً تقديره: ومن آبائهم جمعاً كثيراً أو مهديين كثيرين ،فتكون ( مِن ) تبعيضية متعلّقة ب{ هدينا} .
والذرّيَّات جمع ذرّيَّة ،وهي مَن تناسل من الآدمي من أبناء أدْنَيْن وأبنائهم فيشمل أولاد البنين وأولاد البنات .ووجه جمعه إرادة أنّ الهدى تعلّق بذرّيّة كلّ من له ذرّيّة من المذكورين للتنبيه على أنّ في هدي بعض الذرّية كرامة للجدّ ،فكلّ واحد من هؤلاء مراد وقوعُ الهدي في ذرّيَّته .وإنْ كانت ذرّياتهم راجعين إلى جدّ واحد وهو نوح عليه السّلام .ثمّ إن كان المراد بالهدى المقدّر الهُدَى المماثل للهُدى المصرّح به ،وهو هُدى النّبوءة ،فالآباء يشمل مثل آدم وإدريس عليهم السلام فإنّهم آباء نوح .