ومعنى{ لا يستثنون}: أنهم لا يستثنون من الثمرة شيئاً للمساكين ،أي أقسموا ليَصْرِمُنّ جميع الثمر ولا يتركون منه شيئاً .وهذا التعميم مستفاد مما في الصرم من معنى الخزن والانتفاع بالثمرة وإلاّ فإن الصرم لا ينافي إعطاءَ شيء من المجذوذ لمن يريدون .وأُجمل ذلك اعتماداً على ما هو معلوم للسامعين من تفصيل هذه القصة على عادة القرآن في إيجاز حكاية القصص بالاقتصار على موضع العبرة منها .
وقيل معناه:{ لا يستثنون} لإِيمانهم بأن يقولوا إن شاء الله كما قال تعالى:{ ولا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غداً إلاّ أن يشاء الله}[ الكهف: 2324] .ووجه تسميته استثناء أن أصل صيغته فيها حرف الاستثناء وهو ( إلاّ ) ،فإذا اقتصر أحد على « إن شاء الله » دون حرف الاستثناء أطلق على قوله ذلك استثناءٌ لأنه على تقدير: إلا أن يشاء الله .على أنه لما كان الشرط يؤول إلى معنى الاستثناء أطلق عليه استثناء نظراً إلى المعنى وإلى مادة اشتقاق الاستثناء .
وعلى هذا التفسير يكون قوله:{ ولا يستثنون} من قبيل الإِدماج ،أي لِمبلغ غرورهم بقوة أنفسهم صاروا إذا عزموا على فعل شيء لا يتوقعون له عائقاً ،والجملة في موضع الحال ،والتعبير بالفعل المضارع لاستحضار حالتهم العجيبة من بُخلِهم على الفقراء والأيتام .
وعلى الروايات كلها يعلم أن أهل هذه الجنة لم يكونوا كفاراً ،فوجه الشبه بينهم وبين المشركين المضروب لهم هذا المثل هو بطر النعمة والاغترار بالقوة .