وقوله:{ فطاف عليها طائف من ربّك} ،الطواف: المشي حول شيء من كل جوانبه يُقال: طاف بالكعبة ،وأريد به هنا تمثيل حالة الإِصابة لشيء كله بحال من يطوف بمكان ،قال تعالى:{ إذا مسهم طائف من الشيطان} الآية[ الأعراف: 201] .
وعُدّي ( طاف ) بحرف ( على ) لتضمينه معنى: تسلط أو نزل .
ولم يعين جنس الطائف لظهور أنه من جنس ما يصيب الجنات من الهلاك ،ولا يتعلق غرض بتعيين نوعه لأن العبرة في الحاصل به ،فإسناد فعل ( طاف ) إلى{ طائف} بمنزلة إسناد الفعل المبني للمجهول كأنه قيل: فطِيف عليها وهم نائمون .
وعن الفراء: أن الطائف لا يكون إلاّ بالليل ،يعني ومنه سمي الخيال الذي يراه النائم في نومه طَيفاً .قيل هو مشتق من الطائفة وهي الجزء من الليل ،وفي هذا نظر .
فقوله:{ وهم نائمون} تقييد لوقت الطائف على التفسير الأول ،وهو تأكيد لمعنى{ طائف} على تفسير الفراء ،وفائدته تصوير الحالة .
وتنوين{ طائف} للتعظيم ،أي أمر عظيم وقد بينه بقوله:{ فأصبحت كالصريم} فهو طائف سوء ،قيل: أصابها عنق من نار فاحترقت .
و{ من ربّك} أي جائياً من قِبَل ربّك ،ف{ مِن} للابتداء يعني: أنه عذاب أرسل إليهم عقاباً لهم على عدم شكر النعمة .
وعُجل العقاب لهم قبل التلبس بمنع الصدقة لأن عزمهم على المنع وتقاسمهم عليه حقق أنهم مانعون صدقاتهم فكانوا مانعين .ويؤخذ من الآية موعظة للذين لا يواسون بأموالهم .
وإذْ كان عقاب أصحاب هذه الجنة دنيوياً لم يكن في الآية ما يدل على أن أصحاب الجنة منعوا صدقة واجبة .