الفاء للتفريع على قوله:{ مَا أنت بنعمة ربك بمجنون}[ القلم: 2] باعتبار ما اقتضاه قوله{ بنعمة ربك}[ القلم: 2] من إبطال مقالة قيلت في شأنه قالها أعداؤه في الدين ،ابتدأ بإبطال بهتانهم ،وفرع عليه أنهم إذا نظروا الدلائل وتوسموا الشمائل علموا أي الفريقين المفتون أَهُم مفتونون بالانصراف عن الحق والرشد ،أم هو باختلال العقل كما اختلقوا .
والمقصود هو ما في قوله:{ ويبصرون} ولكن أدمج فيه قوله:{ فستبصر} ليتأتى بذكر الجانبين إيقاعُ كلام منصف ( أي داع إلى الإِنصاف ) على طريقة قوله:{ وإنا أو إياكم لَعَلَى هُدى أو في ضلال مبين}[ سبأ: 24] لأن القرآن يبلغ مسامعهم ويتلى عليهم .
وفعْلا ( تبصر ويبصرون ) ،بمعنى البصر الحسي .وروي عن ابن عباس ،أن معناه فستعلم ويعلمون ،فجعله مثل استعمال فعل الرؤية في معنى الظن ،فلعله أراد تفسير حاصل المعنى إذ قد قيل إن الفعل المشتق من ( أبصر ) لا يستعمل بمعنى الظن والاعتقاد عند جمهور اللغويين والنحاة خلافاً لهشام كذا في « التسهيل »{[433]} فالمعنى: ستَرى ويَرَون رأيَ العين أيكم المفتون فإن كان بمعنى العلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ذلك فالسين في قوله:{ فستبصر} للتأكيد ،وأما المشركون فسيرون ذلك ،أي يعلمون آثار فتونهم وذلك فيما يرونه يوم بدر ويوم الفتح .
وإن كان بمعنى البصر الحسي فالسين والتاء في كلا الفعلين للاستقبال .
وضمير{ يُبصرون} عائد إلى معلوم مقدر عند السامع وهم المشركون القائلون: هو مجنون .