قول فرعون:{ إن كنت جئت بآية فأت بها} مُتعين لأن يكون معناه: إن كنت جئت بمعجزة ،فإن أكثر موارد الآية في القرآن مراد فيه المعجزة ،وأكثر موارد البينة مراد فيه الحجة ،فالمراد بالبينة في قول موسى{ قد جئتكم ببينة من ربكم} الحجة على إثبات الإلهية وعلى حقية ما جاء به من إرشاد لقومه ،فكان فرعون غير مقتنع ببرهان العقل أو قاصراً عن النظر فيه فانتقل إلى طلب خارق العادة ،فالمعنى: إن كنت جئتنا متمكناً من إظهار المعجزات ،لأن فرعون قال ذلك قبل أن يظهر موسى عليه السلام معجزته ،فالباء في قوله:{ بآية} للمعية التقديرية ،أي: متمكناً من آية ،أو الباء للملابسة ،والملابسة معناها واسع ،أي: لك تمكين من إظهار آية .
وقوله:{ فأت بها} استعمل الإتيان في الإظهار مجازاً مرسلاً ،فالباء في قوله:{ بها} لتعدية فعل الإتيان ،وبذلك يتضح ارتباط الجزاء بالشرط ،لأن الإتيان بالآية المذكورة في الجزاء هو غير المجيء بالآية المذكورة في الشرط ،أي: إن كنت جئت متمكناً من إظهار الآية فأظهر هذه الآية .