قوله تعالى:{قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين} [ الأعراف: 106] .
إن قلتَ: لم قال فرعون هذا ،بعد قوله:{إن كنت جئت بآية} ؟
قلتُ: معناه إن كنت جئت بآية من عند الله فأتني بها .
فإن قلتَ: كيف قال تعالى هنا حكاية عن السّحرة الذين آمنوا وعن فرعون{قالوا آمنا برب العالمين ...} إلى قوله:{وتوفّنا مسلمين} [ الأعراف: 126] ثم حكى عنهم هذا في"طه "و "الشعراء "بزيادة ونقصان ،واختلاف ألفاظ في الألفاظ المنسوبة إليهم ،والقصة واحدة ،فكيف اختلفت عبارتهم فيها ؟
قلتُ: حكى الله ذلك عنهم مراراً ،بألفاظ متساوية معنى ،جريا على عادة العرب في التفنّن في الكلام ،والحذف في محلّ ،إحالة على ذكره في محلّ آخر ،وإنما خولف في ذلك ،لئلا يُملّ إذا تمحّض تكراره .
والحكمة في تكرار قصة موسى وغيرها من القصص ،تأكيد التحدي ،وإظهار الإعجاز ،ولهذا سمّى الله القرآن"مثاني "لأنه تُثنّى فيه الأخبار والقصص ،أو إفادة الغائب عن المرّة السابقة ،فقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بعضهم ،ويغيب بعضهم في الغزوات ،فإذا حضر الغائبون ،أكرمهم الله تعالى بإعادة الوحي ،تشريفا لهم .