جملة:{ قالوا إن لنا لأجراً} استئناف بياني بتقدير سؤال من يسأل: ماذا صدر من السحرة حين مثُلوا بين يدي فرعون ؟.
وقرأ نافع ،وابن كثير ،وحفص ،وأبو جعفر{ إن لنا لأجراً} ابتداء بحرف ( إن ) دون همزة استفهام ،وقرأه الباقون بهمزة استفهام قبل ( إن ) .
وعلى القراءتين فالمعنى على الاستفهام ،كما هو ظاهر الجواب ب{ نعم} ،وهمزة الاستفهام محذوفة تخفيفاً على القراءة الأولى ،ويجوز أن يكون المعنى عليها أيضاً على الخبرية لأنهم وثقوا بحصول الأجر لهم ،حتى صيروه في حيز المخبر به عن فرعون ،ويكون جواب فرعون ب{ نعم} تقريراً لما أخبروا به عنه .
وتنكير{ أجراً} تنكير تعظيم بقرينة مقام المَلِك وعظم العمل ،وضمير{ نحن} تأكيد لضمير{ كنا} إشعاراً بجدارتهم بالغلَب ،وثقتهم بأنهم أعلم الناس بالسحر ،فأكدوا ضميرهم لزيادة تقرير مدلوله ،وليس هو بضمير فصل إذ لا يقصد إرادة القصر ،لأن إخبارهم عن أنفسهم بالغالبين يغني عن القصر ،إذ يتعين أن المغلوب في زعمهم هو موسى عليه السلام .
وقول فرعون{ نعم} إجابة عما استفهموا ،أو تقرير لما توسموا: على الاحتمالين المذكورين في قوله:{ إن لنا لأجراً} آنفاً ،فحرف ( نعم ) يقرر مضمون الكلام الذي يجاب به ،فهو تصديق بعد الخبر ،وإعلام بعد الاستفهام ،بحصول الجانب المستفهم عنه ،والمعنيان محتملان هنا على قراءة نافع ومن وافقه ،وأما على قراءة غيرهم فيتعين المعنى الثاني .
وعُطف جملة:{ إنكم لمن المقربين} على ما تضمنه حرف الجواب إذ التقدير: نعم لكم أجر وإنكم لمن المقربين ،وليس هو من عطف التلقين: لأن التلقين إنما يعتبر في كلامين من متكلميْن لا من متكلم واحد .