وموقع{ يبصّرونهم} الاستئناف البياني لدفع احتمال أن يقع في نفس السامع أن الأحِمَّاء لا يرى بعضهم بعضاً يومئذٍ لأن كل أحد في شاغل ،فأجيب بأنهم يكشف لهم عنهم ليروا ما هم فيه من العذاب فيزدادوا عذاباً فوق العذاب .
ويجوز أن تكون جملة{ يبصرونهم} في موضع الحال ،أي لا يسأل حميم حميماً في حال أن كل حميم يبصر حميمه يقال له: انظر مَاذا يقاسي فلان .و{ يبصرونهم} مضارع بَصَّره بالأمر إذا جعله مبصراً له ،أي ناظراً فأصله: يبصَّرون بهم فوقع فيه حذف الجار وتعدية الفعل .
والضميران راجعان إلى{ حميم} المرفوع وإلى{ حميماً} المنصوب ،أي يبصر كل حميم حميمه فجمع الضميران نظراً إلى عموم{ حمِيمٌ} و{ حميماً} في سياق النفي .
و{ يودّ}: يحب ،أي يتمنى ،وذلك إما بخاطر يخطر في نفسه عند رؤية العذاب .
وإما بكلام يصدر منه نظير قوله:{ ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً}[ النبأ: 40] ،وهذا هو الظاهر ،أي يصرخ الكافر يومئذٍ فيقول: أفتدي من العذاب ببني وصاحبتي وفصيلتي فيكون ذلك فضيحة له يومئذٍ بين أهله .
و{ المجرم}: الذي أتى الجُرم ،وهو الذنب العظيم ،أي الكفر لأن الناس في صدر البعثة صنفان كافر ومؤمن مطيع .
و{ يومئذٍ} هو{ يوم تكون السماء كالمهل} فإن كان قوله:{ يوم تكون السماء} متعلقاً ب{ يودّ} فقوله:{ يومئذٍ} تأكيد ل{ يوم تكون السماء كالمهل ،} وإن كان متعلقاً بقوله:{ تعرج الملائكة}[ المعارج: 4] فقوله:{ يومئذٍ} إفادة لكون ذلك اليوم هو يوم يود المجرم لو يفتدي من العذاب بمن ذكر بعده .
و{ لو} مصدرية فما بعدها في حكم المفعول ل{ يود} ،أي يود الافتداء من العذاب ببنيه إلى آخره .
وقرأ الجمهور{ يومئذٍ} بكسر ميم ( يوم ) مجروراً بإضافة ( عذاب الله ) .وقرأه نافع والكسائي بفتح الميم على بنائه لإِضافة ( يوم ) إلى ( إذ ) ،وهي اسم غير متمكن والوجهان جائزان .
والافتداء: إعطاء الفِداء ،وهو ما يعطى عوضاً لإِنقاذٍ من تبعةٍ ،ومنه قوله تعالى:{ وإن يأتوكم أسارى تفادوهم} في البقرة ( 85 ) وقوله: ولو افتدى به في آل عمران ( 91 ) ،والمعنى: لو يفتدي نفسه ،والباء بعد مادة الفداء تدخل على العوض المبذول فمعنى الباء التعويض .
ومعنى مِن} الابتداء المجازي لتضمين فعل يفتدي معنى يَتخلص