وقوله:{ لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر} بدل مفصل من مجمل من قوله{ للبشر} ،وأعيد حرف الجر مع البدل للتأكيد كقوله تعالى:{ قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم}[ الأعراف: 75] ،وقوله:{ إن هو إلاّ ذكر للعالمين لمن شاء منكم أن يستقيم}[ التكوير: 27 ،28] وقوله تعالى:{ تكون لنا عيداً لأوَّلنا وآخِرِنا}[ المائدة: 114] .والمعنى: إنها نذير لمن شاء أن يتقدم إلى الإِيمان والخير لينتذر بها ،ولمن شاء أن يتأخر عن الإيمان والخير فلا يرعوي بنذارتها لأن التقدّم مشي إلى جهة الإمام فكأنَّ المخاطب يمشي إلى جهة الداعي إلى الإِيمان وهو كناية عن قبول ما يدعو إليه ،وبعكسه التأخر ،فحذف متعلق{ يتقدم ويتأخّر} لظهوره من السياق .
ويجوز أن يقدر: لمن شاء أن يتقدم إليها ،أي إلى سَقَر بالإِقدام على الأعمال التي تُقدمه إليها ،أو يتأخر عنها بتجنب ما من شأنه أن يقربه منها .
وتعليق{ نذيراً} بفعل المشيئة إنذار لمن لا يتذكر بأن عدم تذكره ناشىء عن عدم مشيئته فتبعتُه عليه لتفريطه على نحو قول المثل « يَداك أوكَتا وفُوك نفخ » ،وقد تقدم في سورة المزمل ( 19 ) قوله:{ إنَّ هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربّه سبيلاً وفي ضمير منكم} التفات من الغيبة إلى الخطاب لأن مقتضى الظاهر أن يقال: لمن شاء منهم ،أي من البشر .