وجملة:{ لكل امرىء منهم يومئذٍ شأن يغنيه} مستأنفة استئنافاً ابتدائياً لزيادة تهويل اليوم ،وتنوينُ{ شأن} للتعظيم .
وحيث كان فرار المرء من الأقرباء الخمسة يقتضي فرار كل قريب من أولئك من مثله كان الاستئناف جامعاً للجميع تصريحاً بذلك المقتضَى ،فقال:{ لكل امرىء منهم يومئذٍ شأن يغنيه} أي عن الاشتغال بغيره من المذكورات بَلْهَ الاشتغال عمن هو دون أولئك في القرابة والصحبة .
والشأن: الحال المهم .
وتقديم الخبر في قوله:{ لكل امرىء} على المبتدأ ليتأتى تنكير{ شأن} الدال على التعظيم لأن العرب لا يبتدئون بالنكرة في جملتها إلا بمسوغ من مسوغاتتٍ عَدَّها النحاة بضعةَ عشر مسوغاً ،ومنها تقديم الخبر على المبتدإ .
والإِغناء: جعل الغير غنياً ،أي غير محتاج لشيء في غرضهِ .وأصل الإِغناء والغنى: حصول النافع المحتاج إليه ،قال تعالى:{ وما أغنى عنكم من اللَّه من شيء}[ يوسف: 67] وقال:{ ما أغنى عني ماليه}[ الحاقة: 28] .وقد استعمل هنا في معنى الإِشغال والإِشغال أعم .
فاستعمل الإغناء الذي هو نفع في معنى الإِشغال الأعم على وجه المجاز المرسل أو الاستعارة إيماء إلى أن المؤمنين يشغلهم عن قرابتهم المشركين فرط النعيم ورفع الدرجات كما دل عليه قوله عقبه:{ وجوه يومئذٍ مسفرة} إلى آخر السورة .