{ كلاّ}
و{ كلاّ} الثانية تأكيد ل{ كلا} الأولى زيادة في الردع ليصير توبيخاً .
{ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} .
جملة:{ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون} وما عطف عليها ابتدائية وقد اشتملت الجملة ومعطوفاها على أنواع ثلاثة من الويل وهي الإهانة ،والعذاب ،والتقريع مع التأييس من الخلاص من العذاب .
فأما الإهانة فحجْبُهم عن ربهم ،والحجب هو الستر ،ويستعمل في المنع من الحضور لدى الملك ولدى سيد القوم ،قال الشاعر الذي لم يسمّ وهو من شواهد « الكشاف »
إذا اعتروا باب ذي عُبِّيَّه رجِبوا *** والناسُ من بين مَرجوب ومَحْجوب
وكلا المعنيين مراد هنا لأن المكذبين بيوم الدين لا يرون الله يوم القيامة حين يراه أهل الإيمان .
ويوضح هذا المعنى قوله في حكاية أحوال الأبرار:{ على الأرائك ينظرون}[ المطففين: 23] وكذلك أيضاً لا يدخلون حضرة القدس قال تعالى:{ إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء}[ الأعراف: 40] ،وليكون الكلام مفيداً للمعنيين قيل: « عن ربهم لمحجوبون » دون أن يقال: عن رؤية ربهم ،أو عن وجه ربهم كما قال في آية آل عمران ( 77 ):{ ولا ينظر إليهم يوم القيامة} .