ويستمر البيان القرآني: ( كلاّ إنّهم عن ربّهم يومئذ لمحجوبون ) .
وهو أشدّ ما سيعاقبون به ،مثلما منزلة اللقاء باللّه ودرجة القرب منه هي من أعظم نعم الأبرار والصالحين وأكثرها لذةً واستئناساً .
«كلاّ »: عادةً ما تستعمل لنفي ما قيل سابقاً ،وللمفسرين أقوال في تفسيرها:
القول الأوّل: إنّها تأكيد ل «كلاّ » المتقدمة في الآية السابقة ،أي: يوم القيامة ليس بأُسطورة كما يزعمون .
والقول الثّاني: «كلاّ » بمعنى لا يمكن إزالة الرين الذي فقأ البصيرة في قلوبهم ،فهم محرومون من رؤية جمال الحقّ في هذا العالم وفي عالم الآخرة أيضاً .
القول الثّالث: إنّ الآية تجيب زعم أولئك من أنّ القيامة ( حتى على فرض وجودها !) فهم سينعمون بها كما ( يتصورون ) بأنّهم منعمين في الدنيا ،( وقد تناولت الآيات الأخرى ما جاء في زعمهم ){[5860]} .
ولكنّ أحلامهم ستتلاشى أمام حقيقة وقوع القيامة ،وما سينالونه من شديد العذاب .
نعم ،فأعمال الإنسان في دنياه ستتجسم له في آخرته شاء أم أبى ،ولما كان أُولئك قد أغلقوا عيونهم عن رؤية الحق ،ورانت أعمالهم على قلوبهم ،فسيحجبون عن ربّهم في ذلك اليوم العظيم ،وعندها فسوف لن يتمتعوا برؤية جمال الحق أبداً ،وسيحرمون من نعمة اللقاء بالحبيب الحقيقي ،الذي لا حبيب سواه .
/خ17