ويعري القرآن مرّة أخرى جذر طغيانهم وعنادهم ،بالقول: ( كلاّ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) .
ما أشد تقريع العبارة !فقد احتوى صدأ أعمالهم كلّ قلوبهم ،فأُزيل عنها ما جعل اللّه فيها من نور الفطرة الأولى وذهب صفائها ،ولذا ..فلا يمكن لشمس الحقيقة أن تشرق بعد في أفق قلوبهم ،ولا يمكن لتلك القلوب التعسة من أن تتقبل نفوذ أنوار الوحي الإلهي إلى دواخلها .
«ران »: من ( الرين ) على وزن ( عين ) ،وهو: الصدأ يعلو الشيء الجليل ( كما يقول الراغب في مفرداته ) ،ويقول عنه بعض أهل اللغة: إنّه قشرة حمراء تتكون على سطح الحديد عند ملامسته لرطوبة الهواء ،وهي علامة لتلفه ،وضياع بريقه وحسن ظاهره .
وقيل: ران عليه: غلب عليه ،ورين به: وقع في ما لا يستطيع الخروج منه ولا طاقة له به{[5859]} وكل هذه المعاني هي من لوازم المعنى الأوّل .
وسنتناول موضوع تأثير الرين على صفاء القلب ونورانيته في البحوث القادمة .
/خ17