وتشير الآية التالية للصفة الثّالثة لمنكري المعاد ،فتقول: ( وإذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ) .
فبالإضافة لكون منكر المعاد معتد وأثيم ،فهو من الساخرين والمستهزئين بآيات اللّه ،ويصفها بالخرافات البالية{[5858]} ،وما ذلك إلاّ مبرر واه لتغطية تهربه من مسؤولية آيات اللّه عليه .
ولم تختص الآية المذكورة بذكر المبررات الواهية لاُولئك الضالّين المجرمين فراراً من الإستجابة لنداء الدعوة الربانية ،بل ثمّة آيات أخرى تناولت ذلك ،منها الآية ( 5 ) من سورة الفرقان: ( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تُملى عليه بكرة وأصيلاً ) ،والآية ( 17 ) من سورة الأحقاف ،حكاية عن قول شاب طاغ وقف أمام والديه المؤمنين مستهزئا بنصائحهما قائلاً: ( ما هذا إلاّ أساطير الأولين ) .
وقيل في شأن نزول الآية: إنّها نزلت بشأن ( النضر بن حارث بن كلدة ) ،ابن خالة النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،وكان من رؤوس الكفر والضلال .
ولا يمنع نزول الآية في شخص معين ،من تعميم ما جاء فيها لكلّ من يشارك ذلك الشخص في الصفة والحال .
فالطغاة ،كثيراً ما يتذرعون بأعذار واهية ،عسى أن يتخلصوا من لوم وتأنيب الضمير من جهة ..ومن اعتراضات النّاس ورجال الحق من جهة أخرى ،والعجيب أنّ الطغاة من الحماقة والتحجّر بحيث أنّ أسلوب مواجهتهم للأنبياء( عليهم السلام )وعلى مرّ التاريخ قد جاء على وتيرة واحدة ،وكأنّهم قد وضعوا لأنفسهم مخططاًلاينبغي الحيد عنه ،فعند مواجهتهم لدعوة الأنبياء( عليهم السلام ) بتعاليم السماء ،ليس عندهم سوى أن يقولوا: سحر ،كهانة ،جنون ،أساطير !
/خ17